
تشير الإحصاءات إلى أن اليمن احتل المرتبة الأخيرة في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول الفجوة بين الجنسين في الفترة من 2006 إلى 2021. وفي عام 2021، صُنف اليمن كأحد أسوأ خمس دول من حيث مكانة المرأة فيما يتعلق بالمشاركة الاقتصادية، التمكين السياسي، والتحصيل العلمي. في الأعوام 2021 و 2022 كان اليمن في المراتب المتأخرة جداً في مؤشر الأمن والسلام العالمي للمرأة.
وفي حين أنه قد تتوفر عدة عوامل ثقافية ربما تحول بين المرأة وانخراطها الكامل في الحياة الاقتصادية والسياسية، والتمتع بحقوق أكبر، إلا أن الحرب في اليمن كانت - ولا تزال - عاملاً أساسياً في تدهور وضع المرأة عموماً. قبل الحرب، شهد اليمن تقدماً ملحوظاً في المساواة بين الجنسين، التي تعتبر حق أساسي من حقوق الإنسان، ويُنظر إليها على إنها ضرورة لبناء مجتمعات مسالمة تتمتع بإمكانيات بشرية كاملة وتنمية مستدامة.
وبالرغم من الجهود العالمية لتحقيق المساواة بين الجنسين، إلا أن الطريق لتحقيق ذلك عالمياً لا يزال طويلاً للغاية. تصبح التحديات أكبر عندما يواجه بلداً ما صراعاً، مثل اليمن، ليس فيما يتعلق بالحقوق فحسب، بل أيضاً في أثر الحرب على المرأة التي قد تجد نفسها فجأة تتحمل المزيد من الأعباء.
ربما يكون الرجال والفتيان أكثر عرضة لآثار الحرب المؤلمة، مثل القتل في ساحات المعارك، التجنيد، الاعتقال، الاختفاء، والتعذيب وغير ذلك. لكن المرأة، في مقابل ذلك، سوف يكون عليها تحمل التبعات القاسية لغياب الرجل، سواء أكان زوجاً أو أباً أو أخاً أو معيلاً بصفة القرابة. يتعين على المرأة في مثل تلك الحالات إطعام العديد من الأفواه الجائعة في بلد يحتضر اقتصادياً، واستمرار القيام بالمهام المنزلية كربّة أسرة.
من بين كل التغيرات في دور المرأة في اليمن، تشير الأدبيات الحديثة إلى أن تزايد الدور الاقتصادي لها يمكن أن يعرضها للعنف. إن الدور الاقتصادي المتزايد للمرأة قد يكون مدفوعاً بغياب الرجل، أو ببساطة نتيجة فقدان الرجل لمصدر دخله بسبب الاقتصاد المتدهور. في الحالة الثانية، يمكن ألا يستوعب الرجل الوضع الجديد، ويشعر بانخفاض سُلطته، أو العجز؛ مما يعرض المرأة لعنف الرجل الذي يشعر بأن المرأة سلبت منه سلطة اتخاذ القرار وإعالة الأسرة. في مثل هذا الوضع الحرج، يُعتقد أن تقاسم اتخاذ القرارات بين الزوج والزوجة - مثلاً - يمكن أن يقلل من احتمالية العنف.
لا شك أن الصراع أثّر سلبياً على وضع المرأة في اليمن، من محدودية الوصول إلى الفرص التعليمية والرعاية الصحية، إلى فقدان الحماية في خطوط النار ومخيمات النزوح. يوفر القانون الدولي الإنساني إطاراً لحماية المدنيين عموماً أثناء النزاعات المسلحة، لكنه يبدي تركيزاً خاصاً على حماية حقوق النساء والفتيات؛ بسبب احتياجاتها التي تختلف عن الرجل.
إن تحقيق الحماية والمساواة العادلة للمرأة تتطلب استراتيجية شاملة تضم مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك المنظمات الدولية والحكومات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني والأفراد. يتمثل أحد الجوانب الحاسمة معالجة الأسباب الجذرية للتمييز ضد المرأة، وتوسيع مشاركتها الاقتصادية والسياسية، مع مراعاة ثقافة المجتمع؛ حتى لا يكون العنف المنبوذ نتيجة للنوايا الحسنة.