من المهم حماية الناس وتمكينهم من العيش حياة كريمة خالية من الخوف والتهديد
ملخص
أدى الصراع المستمر في اليمن منذ عقد من الزمن إلى أزمة إنسانية مدمرة. يواجه الملايين انعدام الأمن الغذائي، ويفتقرون إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية، ويواجهون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية.
إن الأمن الإنساني الشامل، الذي يشمل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم ودعم الصحة العقلية، أمر حيوي لتعافي اليمن.
يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دورا استباقيا. إن زيادة المساعدات والجهود الدبلوماسية والضغط على الأطراف المتحاربة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأمن الإنساني الشامل لليمن.
يقف اليمن، الدولة التي مزقها صراع وحشي منذ ما يقرب من عقد من الزمان، على شفا أزمة إنسانية أعمق. ومع انهيار الهدنة الهشة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تبخرت الآمال في الهدنة، تاركة الشعب اليمني يواجه العديد من المصاعب.
القلق الأكثر إلحاحاً هو المستوى المقلق لانعدام الأمن الغذائي. ترسم النظرة العامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024 صورة قاتمة: من المرجح أن يواجه 17.6 مليون يمني، أي نصف السكان، انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي. ويترجم هذا إلى معاناة ملايين الأسر من أجل توفير الطعام لأسرتهم، حيث يتحمل الأطفال العبء الأكبر من سوء التغذية.
إلى جانب الغذاء، يظل الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية ترفًا بالنسبة للكثيرين. لقد أدى الصراع إلى شل البنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى نقص المياه وتفشي الأمراض التي تنقلها المياه. يحتاج ما يقدر بنحو 2.7 مليون من النساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وهو مثال صارخ على التأثير المدمر على الفئات الأكثر ضعفاً.
نظام الرعاية الصحية نفسه معلق بخيط رفيع. إن محدودية الوصول إلى المرافق الطبية ونقص الموظفين المؤهلين تجعل الأمراض القابلة للعلاج قاتلة. علاوة على ذلك، فإن 70% من الأطفال دون سن الثالثة لم يحصلوا على التطعيمات الأساسية، مما يجعلهم عرضة للإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها. يؤدي عدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية إلى تفاقم المشاكل القائمة، مما يخلق حلقة مفرغة من المرض وسوء التغذية.
تضيف التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الصراع طبقة أخرى من البؤس. لقد أدت الاضطرابات في الخدمات العامة مثل التعليم والصرف الصحي إلى مزيد من شل الحياة اليومية. فرص كسب العيش نادرة، مما يدفع العديد من اليمنيين إلى مزيد من الفقر. ويؤدي هذا اليأس الاقتصادي إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية، وهو جانب بالغ الأهمية ولكنه مهمل في كثير من الأحيان من الأمن البشري. يحتاج الملايين من اليمنيين إلى دعم الصحة العقلية للتعامل مع صدمة الحرب والنزوح والخسارة. ومع ذلك، لا يتمكن سوى جزء صغير منهم من الوصول إلى هذه الخدمات المهمة.
وفي هذا الوضع اليائس، يكتسب مفهوم الأمن الإنساني الشامل أهمية قصوى. يتجاوز هذا النهج مجرد الأمن الجسدي، ويشمل مجموعة من العوامل مثل الأمن الغذائي، والحصول على الرعاية الصحية، والتعليم، ودعم الصحة العقلية. إن الأمن الحقيقي يأتي عندما يتم تلبية هذه الاحتياجات الأساسية، مما يسمح للأفراد والمجتمعات بالعيش بكرامة وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
لكي ينهض اليمن من الرماد، يجب إعطاء الأولوية لاستراتيجية شاملة للأمن الإنساني. هناك حاجة إلى خطوات فورية لمعالجة الأزمة الغذائية من خلال تقديم المساعدات الإنسانية واستئناف إنتاج الغذاء المحلي. تعد استعادة البنية التحتية الحيوية مثل أنظمة المياه والصرف الصحي أمرًا ضروريًا لمنع تفشي المزيد من الأمراض.
يعد الاستثمار في نظام الرعاية الصحية من خلال تجهيز المستشفيات وإرسال الإمدادات الطبية وتدريب الموظفين أمرًا بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح. إن ضمان الوصول إلى اللقاحات والرعاية الصحية الأساسية يمكن أن يخفف من حالات الطوارئ الصحية في المستقبل.
ويعد الانتعاش الاقتصادي عنصرا رئيسيا آخر. إن دعم الشركات المحلية، وخلق فرص العمل، وتنشيط الخدمات العامة يمكن أن يوفر لليمنيين طريقًا نحو الاكتفاء الذاتي.
أخيرًا، يعد التعامل مع الصحة العقلية خطوة حيوية في تعزيز الشعور بالحياة الطبيعية وإعادة بناء الحياة. إن الاستثمار في المتخصصين في مجال الصحة العقلية، وإنشاء برامج دعم الصدمات، وتعزيز الوعي بالصحة العقلية يمكن أن يساعد اليمنيين على التغلب على الندوب النفسية للحرب.
للمجتمع الدولي دور حاسم يلعبه في دعم استراتيجية شاملة للأمن الإنساني في اليمن. إن زيادة المساعدات الإنسانية، والجهود الدبلوماسية للتوسط في وقف دائم لإطلاق النار، والضغط على الأطراف المتحاربة لإعطاء الأولوية لسلامة المدنيين، كلها خطوات حيوية.
يتوقف مستقبل اليمن على قدرته على تحقيق الأمن الإنساني الشامل. ومن خلال الاستثمار في الاحتياجات الأساسية ورفاهية شعبه، يمكن لليمن أن يبدأ الطريق الطويل نحو التعافي وبناء مستقبل يسود فيه الأمن والكرامة والفرص.
Comments